مادلين.. أول صيادة أسماك في قطاع غزة

مادلين.. أول صيادة أسماك في قطاع غزة

كانت هواية مادلين المفضلة منذ طفولتها صيد السمك. فقد كانت ترافق والدها إلى البحر لمساعدته في مهنة الصيد منذ كانت في السادسة من العمر. وقد تحولت هذه الهواية إلى مهنة عند بلوغ مادلين سن الـ 13 ، وذلك بسبب حاجة أسرتها لعملها، حيث أصبحت مالكة لأحد مراكب صيد السمك في مدينة غزة الساحلية.

فقد دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة مادلين لتحويل هوايتها إلى مهنة، خصوصا بسبب مرض والدها كونها الأكبر بين اخوانها وأخواتها. حيث مكنتها معرفتها بالمهنة والتي تعتبر غير مألوفة للسيدات والفتيات في محيطها من تأمين دخل للعائلة. وهكذا فقد جعلها إحساسها بالمسؤولية والتزامها وشغفها امرأة ريادية في مهنة غير مألوفة للفتيات.

تزوجت مادلين البالغة من العمر 25 عاما منذ ثلاث سنوات ولا زالت تمارس مهنتها التي تحب مع زوجها الذي يعمل بالصيد أيضاً.

مادلين حاصلة على دبلوم سكرتارية تنفيذية، بالإضافة الى دبلوم في تصميم الأزياء، وبسبب عدم توفر فرص عمل لها في مجال السكرتارية، فقد إختارت العمل في الصيد نظرا لخبرتها في هذا المجال وشغفها في هذه المهنة.

حالياً، وبسبب جدها وعملها الدؤوب، تملك مادلين مركبين: مركب خاص بالعمل والآخر للسياحة. حيث حصلت على المركب الخاص بالعمل بتمويل عبر أحد المشاريع في عام 2016،    أما المركب الخاص بالسياحة فقد حصلت عليه عن طريق قرض من أحد البنوك.

وقد حصلت أيضا على العديد من الدورات التدريبة التي تساعدها في عملها، منها ريادة الأعمال وإدارة المشاريع. وهي أيضا حاصلة على شهادة منقذ بحري من قبل الدفاع المدني.

تعمل مادلين على مدار العام وخاصة في موسم الهجرة في فصلي الربيع والخريف ، حيث تبدأ يومها منذ ساعات الصباح الباكر وتقوم بتجهيز أدوات الصيد والشباك.

وتقول: "أعاني من العديد من العقبات منها الاحتلال الاسرائيلي أولا بتقليص مساحة الصيد، وثانياً حادثة مصادرة المركب الخاص بالعمل، بالإضافة الى إطلاق النار وانعدام الأمان خلال رحلة الصيد. تغلبت على ذلك من خلال نقل ماتور مركب السياحة إلى مركب آخر والعمل به. هناك بعض أفراد من الحكومة والشرطة  ممن حاولوا منعي من ممارسة المهنة وتغلبت على تلك العقبة برفع كتاب إلى وزير الداخلية والذي من خلاله طالبت بمراجعة القرار، وحصلت على الموافقة وعدت لممارسة مهنة الصيد".

وترى مادلين بأن جميع النساء في محيطها يتجهن إلى العمل في مهن نمطية مثل الخياطة والزراعة وقطاع التعليم والسكرتارية.

وتقول: "يتوجب توفير إمكانيات لتشجيع عمل المرأة في المهن غير النمطية، على المستوى الذاتي، والمهني، والمجتمعي مثل توفير مشاريع لدعم المرأة في ممارسة المهن النمطية لأنها بحاجة إلى رأس مال، وتكثيف ورشات العمل الهادفة لنشر الوعي حول فكرة عمل المرأة في المجالات غير النمطية."

كما توصي بتوسيع فرص العمل أمام النساء وتشجيعهن على الانخراط  في جميع المهن، مشيرة إلى أهمية انخراط النساء في المهن غير المألوفة  اجتماعياً.

وتقول: "تتمركز غالبية النساء في قطاع الخدمات العامة بسببب نظرة وثقافة المجتمع، فهناك ضعف في حضور النساء في قطاعات الإنتاج". وتضيف بأن وجود فكرة لمشروع ووجود الدعم يتيح للمرأة الإبداع ويعطيها صفة الريادة، فالوضع الاقتصادي الصعب بحد ذاته تحدي يدفع إلى توجه المرأة نحو المهن غير النمطية، ومن تنجح وتبدع وتصل فهي ريادية".

وتختتم مادلين: "إن نشر ثقافة أن المرأة تستطيع العمل في كافة المجالات – وفي مجال المهن غير المألوفة  تحديداً – وفكرة أن هذا التقسيم قد تم بسبب النظرة النمطية للجتمع، يمكن أن يتم تعديله باقتحام المجال، وإثبات القدرات، ومواصلة العمل وتطويره، وتشجيع جيل الشابات أولاً على الانخراط بالمهن غير النمطية، وبالتالي المساهمة في تغيير نظرة المجتمع ككل".

 

يتم تسليط الضوء على قصة السيدة مادلين كجزء من مشروع "كسر قيود القواعد التمييزية من أجل دعم المشاركة الشمولية للمرأة في الاقتصاد"، والذي هو أحد تدخلات البرنامج الإقليمي "تعزيز العمل الإنتاجي والعمل اللائق للمرأة" في فلسطين والأردن ومصر، والذي تنفذه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية بالتعاون مع جمعية العمل النسوي، ومؤسسة التعليم من أجل التوظيف.  ويأتي المشروع بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبتمويل ومساهمة من حكومة السويد والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا).